السبت، 27 يونيو 2009

الفصل الثالث : جهـــــاده

مر معنا انه التحق بسرية فهد بن معمر الاستطلاعية للحملة التي قادها نحو هائل الأم ير ان محمد بن عبد الرحمن ، و سعود بن عبد العزيز حين كان عمره خمسة عشرة عاماً كجندي فيها ، و نضيف هنا انه بعد عودته انضم إلى السرية التي رابطت بالجوف لمدة سنة ، واثناء ذلك كان ضمن المجموعة التي أم رها الأم ير عبد العزيز مساعد لتاديب بعض القبائل العاصية ، و بعد مدة قصيرة استولت هذه المجموعة التي كانت بقيادة ابن نويصر على الحجر ( مدائن صالح ) الذي اختاره لقيادة قوة صغيرة نجحت بالاستيلاء على مدينة العلا.
كان بالعلا بعض الاشراف ، و فيها لاسلكى ، فرفع برقية للملك عبد العزيز يبشرة بالنصر ، و استتباب الأم ور ، وان الذي وجهة إلى العلا ابن نويصر ، وفي انتظار ما يأم ر به لابلاغه لابن نويصر ، و بعد عشرة ايأم جاء الرد ، ومضمونه ان يبقى ابن نويصر أم يرا على العلا ، و يتوجه مع مجاهدين من الاخوان إلى تبو ك.
التوجه إلى تبوك :
مجأو رة تبوك لشرقى الأردن ، وكونها كانت من المحطات الرئيسية لسكة حديد الحجاز ، و وايضا لمصر من جهة المدن الرواقعة على البحر الاحمر القريبة منها ، وتشابك القبائل ، و ما بينها من عدأو ات ، وما لا يخفي ما كان من موقف غير ودى من حكومتى هذين البلدين اللذين كان خلفهما الانجليز الذين لم يرقهم تاسيس ابن سعود دولة عربية حرة مستقلة كبرى بدا العرب يعلقون عليها الأم ال .
هذا الوضع الذي كانت عليه تبوك جعل مهمة صاحب السيرة في غاية الصعوبة ، و منهي الخطورة ، ودعته إلى أعمال عقلة ، و استشارة من لهم خبرة و دراية ، و اخذ الحيطة و الحذر بجانب الاستعداد العسكري ، و قبل كل ذلك كان قد ساعده البرقعلى تلقى التوجيهات و التعليمات .
22/2/1926
Fo967/4(2)
ترجمة إلى اللغة الانجليزية لمذكرة من رئيس نظار شرقي الأردن ، عمان ، على كبير الممثلين البريطانيين في عمان ، مؤرخة في 22 فبراير ( شباط ) 1926 م .
تبين المذكرة ، استنادا إلى تصريحات سلطان البيشى القادم إلى معان من تبوك ، ان سلطان نجد عين محمد بن شهيل ( من العارض ) أم يرا على تبوك وان هذا الأم ير منع الترهات و أعلن ان الطرق مفتوحة أم أم كل من يرغب التوجه إلى شرقى الأردن و فلسطين و سورية شريطة حصوله على وثيقة سفر . و تقوم المذكرة الإجراءات التأديبية التي اتخذتها

1231
حكومة سلطان نجد ، ممثلة في أم ير تبوك ، ضد البدو الذين اغاروا على عرب الهجايا ( ورد اسمهم في النص العربى في الرسالة المؤرخة في 26 فبراير ( شباط ) 1926م) . و تضيف المذكرة ان الظروف المعيشية الصعبة في تبوك تحسنت بعد ان وصلتا أم دادات من الاغذية من ميناء ضباط . وفي شان خط سكة حديد الحجاز تفيد المذكرة انه تم استكمال الاصلاحات على الخط بين المدينة المنورة و العلا فيما لا تزال الاشغال قائمة بين العلا و تبوك .
هذه وثيقة من محفوظات : الخارجية البريطانية ، وهى عبارة عن مذكرة من رئيس الوزراء الأردن ى " ركابى أو ركابى " موجهة إلى رئيس الممثلين البريطانيين في عمان بشان السفر و القبائل . طالع : الملاحق الوثيقة باللغة الانجليزية ، م 10.
قاد قوة كان معظم عناصرها من " الاخوان " ، ورغم انها لم تكن كبيرة ، ولكن يبدو انها كانت مختارة ، و مجهزة تجهيزاجيدا ، و منضبطة ، والا ما استطاعت التغلب على القوة الكبيرة المكونة من بعض عناصر الجيش الأردن ى ، وبعض القبائل بقيادة " عواد الجهنى " ، و تؤزرهم : طائرة و مواصلة الانتصارات حتى استسلمت كل من ضباء ، و الوجه ، و حثقل إلى ان توقفت عند حدود العقبة ، ولكن يبدو ان الملك عبد العزيز – رحمة الله – راى ضرورة مزيد من القوة لاقرار الأم ن و تاديب العصاة – بالاخص – بعدما اعترضت جماعة منهم قافلة حكومية محملة من ميناء الوجه بالمؤن لحأم ية تبوك ، حيث قتلوا رئيسها " ناصر بن عساف " ، حيث استدعى صاحب السيرة للاستفسار منه عن احتياجاته لزويدة بما يستطيع به حفظ الأم ن ، و فروض النظأم ، و بالفعل أم ر له بمزيد من الرجال الذين كان بينهم مدربون على المدافع و الرشاشات .
قال : " وفي عأم 1346 هـ استدعانى عبد العزيز إلى جدة ولما جئته بقيت خمسة أو ستة ايأم . . دعانى . . وقال ابغاك ترجع إلى بلدك تبوك . . . قلت : طال عمرك ، اذا ارسلتنى اخاف . . انا صغير سن . . وشفت لك أم يرا مجربا و تعرفه انت . . قال – رحمة الله و اسكنه الجنة – مادأم ت انك تفهم انك لا تفهم اذن تفهم لابد ان ترجع لبلدك تبوك ".
يبدو ان انتصار القوة الصغيرة التي قادها اكسبه الثقة رغم تفوق الخصم بالعدة والعتاد فضلا على ما سبق ذكره ايمان عناصرها بقضية ،وتباعد اهداف خصومهم ،وتعدد قياداتهم ،وبينهم مرتزقة ،وطلب مكسب شخصية ،ومن لا يسالون الاعن الغنائم .
إلى عسير :
في العأم 1349هـ ،ثم نقله من أم ارة "تبوك "إلى أم ارة " تربة " ، واثناء ما كان فيها جاء الأم ر بالتوجة إلى جبل "العرف "قرب "الحرجة "بمنطقة عسير لفض نزراع ثار بين القبائل فيه ،حيث استطاع من غير قتال تسوية الخلاف بينها ،ثم عاد لمقر عملة "بتربة " .
حملة تاديبية :
حاول الأم أم الحسن بن على الإدريسي عند عقد معاهدة حماية مع الملك عبد العزيز يتنازل بموجبها عن السياسة الخارجية ،ومنح الأم تيارات ،وإعلان الحرب ،وابرأ السلام إلا بعد موافقة صاحب الجلالة ملك الحجاز ،وسلطان نجد ، ومحلق ،وكذلك لا يجوز له التنازل عن الأراضي ، وفي المقابل توكل للادريسى إدارة شؤون بلادة الداخلية ، و التعهد بحمايته .
حاو ل اخفاء القلاقل الداخلية ، و الفوضى و التعديات و التجزيات التي تاذى منها الناس فراى طلب الحماية السعودية قبل ان يبتعله أم أم اليمن الذي كان موقنا انه سوف لا يكتفي بتنحيته ، بل سينهى حياته ، و حياة اسرته و كل معأو نية و يصادر أم والهم و ممتلكاتهم ، و مع علم الملك عبد العزيز بأو ضاعة الداخلية المتردية و انكشاف عجزة اعطاة الفرصة لعلة ينصلح حاله ، بل و ساعده
على خروج بعض القبائل عليه التي وجدت بضعة ما يتفق وطبيعتها ، فطلب نجدة الملك الذي أم ر صاحب السيرة يتاديب هذه القابئل وقد فعل .
يروى انه عقب الانتهاء من هذه المهمة اجتمع باثنين من وزراء الادريسى وهما " باصهى " ، و " محمد أم ين الشنقيطى " الذي سالنى سؤالا ارتبت منه هو الولد الصغير اذا ارشد ما يكون مال و صاية الوصى عليه ؟! تظاهرت – يقول – بانى لم افهم ، غير انه كرره فاجبته انت عليمى محدود ، وها سؤال كبير ، ونحن جنود لا شان لنا بمثل هذه الأم ور !
يستطرد بعد رجوعى كتبت لنائب الملك بالحجاز سمو الأم ير فيصل بما جرى ، و ذكرت له انه قد يحدث تمرد فاجاب : ارفع الأم ر لجلاله الملك فرفعته ، فجاء جوابه – رحمة الله - : " . . انتم رجال الحروب تبغون الحروب لتاكلوا من ورائها ".
و الحقيقة الناصعة تان الملك عبد العزيز ، و خلفاءه يكرهون الحروب ، و يؤمنون بقيمة السلأم ، و اهمية : التفاهم و الاستقرار ، ولا يلجأو ن إليها الا بعدما يسنافدون كل الوسائل ، و يرون بحمل السلاح من غير المكلفين بالدفاع عن الوطن ، و اقرار الأم ن ، أو بموجب ضوابط ، و تفنين يعينان الاهداف ، عأم ل تخريب و فوضى .
ببرقية جوابية تلقاها " تركى بن ماضى " بتاريخ 27 جمادى الاخرة جاء فيها " كل اخباركم التي تخبرونا بها لا تستند على مصادر بينه و الاشارات في مثل هذه الأم ور باطلة لذلك يجب ان تؤيدوا اخباركم و تسندوا لمصادر حقيقية و بدون تحقق و تثبت من الأم ر لا يمكن ان اعمل شيئا من الأعمال لذلك يجب ان تثبتوا اقوالكم لانى ملزوم تعقيب صحة من كذبه ".
و في خطاب الجوابى من الملك فيصل – رحمة الله – حينما كان نائبا للملك بالحجاز لصاحب السيرة المنشور بالقسم المخصص للملاحق يتبين الحرص على النظأم ، و حفظ سلأم ة المواطنين ، و التقيد بالصرف الذي لا يذهب الا لما هو مخصص له ، وهو موجه لاغراض خدمية و أم نية مما يدل على مفهوم سابق لمفهومات اغلب الناس في ذلك الوقت ، و شعور بالمسؤولية تجأو ز المصالح الصغيرة و الانية إلى المصلحة العأم ة ، و النظرة الاستشرافية .
فتنة الادريسى :
لم يكن خافيا على الملك عبد العزيزعندما طلب منه السيد الحسن الادريسى الحماية : انه لو لم يطلبها لوقع فريسة للأم أم يحيى حميد الدين ، و ان الادريسى لم يخف خوفهه من التدخلات اليمنية، و حأو ل ان يشعر الملك بان الدافع الاساسى لعقد المعاهدة : الرابط الاخوى ، و الصداقة الوثيقة التي وفابها الملك بوقوفة إلى جانبة ، و الدفاع عنه ، و مساعدته مع المعلم : ان ليس في ما كان يحكمة ما يغرى سوى العهد و الالزأم ، و التمسك بجمع شتات الجزيرة العربية ،و الارتقاء باهلها ، و تويتهم . هذا ، و معروف ان مؤسس الدولة الادريسية " محمد بن على " كانت علاقته بالملكعبد العزيز ، علاقة اخوة و تعأو ن ، ومن شدة اعجابة بالملك راى فيه : أم ل جزيرة العرب بتحقيق طموحات ابنائها و سمى ولدا ولد له " عبد العزيز " ، وبلغت ثقته به في ان أو صاه باهلة بعد وفاته .
لم يكن خافيا على الملكم ما بلغته ايضا : أو ضاع الادريسى الداخلية من التردى التي اخفاها بهدف الاحتفاظ بحكم ذاتى ، و كان له ما راد ، و يبدو ان
الملك كان يأم ل في انه بتوفيره الطمانينة له و لاسرته تستقر احواله ، و يعدل بيينا الناس ، ، و في المساعدات المادية ، و الدعم المعنوى ، و الاستشارة ، و النصح يستطيع الاصلاح ، و التقريب بين الفرقاء ، و لكنه رغم وضوح ضعفه ، و عدم التزأم ة ، و اخلاله ببنود معاهدة مكة استغل تسأم ح الملك ، و اخذ يرأو غ و يماطل .
و ليضلل افتعل مع المندوب السعودى لدية فهد بن زعير خصومة شخصية ، لانه لاحظعليه خروجة على المعاهدة و اجتماعة بمندوبين لجهات ، و دول كانت تعارض الملك عبد العزيز ، و تحريض فئات على الشعب ، ليحول انظار الملك عنتحركاته المريبة ، وان ما بلغة ، أو يبلغة عنها مصدرهما خلافة مع المندوب ، الا ان المللك المعروف عنه التروى ، و التثبيت ، ومع انه توافرت لدية معلومات عن نشاطات مريبة بجازان ، و تيقنه ان الادريسى حول خلافة مع المندوب ،إلى خلاف شخثصى ليبعد عنه الشكوك ، طلب من مبعوثة " تركى بن ماضى ": موافاته بما يجرى أو لاً بأو ل مع التحرى الدقيق ، و الحرص الشديد على الحقيقة ، لان ايمانه يمنعه – رحمة الله – عن الاخذ بالشبهة ، و حتى يتجنب ما قد يوجه اليه من تهم باطلة انتظر إلى ان بدا الادريسى بالعدوان .
أ. المؤأم رة :
احكم المتأم رون خطتهم التأم رية بالأم ساك من طرفيها الشمإلى ، و الجنوبى ، فثارت فتنتان حسبوا ان تزأم نهما يشتت الجهود السعودية ، و يربك التخطيط و يضف القدرات ، وقد غذوا العصبيات الاقليمية و القبلية ، و ثوروا الدهماء و اغروا الناس بالمال و السلاح .
في الشمال الغربى وجدوا بتوزيع قبيلة " بلى " بين السعودية ، و فلسطين ، و مصر مشجعا لتعأو نها معهم ، وفي احد كبار مشائخها " حأم د بن سالم بن
رفادة "الذي وضع السعوديون حدا لمظالمه وتعدياته وجدوا بغيتهم ،وفي الادريسي حنينه للسلطة ،وتطلعه لمكانة اخيه "محمد بن على "ولكنهم ولحس الحظ اخطأو ا في الاختيارين ، لان الأو ل كان مكروها من غالبية ابناء قبيلة بلي حتى من بي عمومته ،واهل بيته لغلظته ،وتعاليه ،وشرأس ته حتي انهم ساعدوا المللك على استدراجه لدخول الاراضي السعودية بعدما وعدوه بالوقوف بجانبه ، ولكنه ما كاد يدخلها حتى فوجيى ان بانتظاره قوة سعودية جهزها الأم ير عبد العزيز بن مساعد بأم ر من الملك عبد العزيز ال سعود – رحمه الله –بقيادة "عبد الله بن عقيل "لتسلك طريق تبوك ،ومنها إلى حقل والبدع ،اتجه قسم منها بقيادة عبد الله بن حلوان ،ومحمد بن سلطان بمحاذاة الساحل إلى ضباء قضت عليه ،ومن معه في اقل من ساعة ،وحالت دون تراجع الناجين ،وكانت هذه النهاية أو ل ما تمناها له اقرب الناس اليه ،وقد انتهت فتنته قبل بدء فتنة الادريسي بوقت قصير جدا .
وفي الجنوب وجدأو في طموحات الادريسى و خلافة مع المندوبين السعوديين ، و تشجيعة للغوغاء ، و الفوضى التي تبعت ذلك ، و تسهيل دخول رسلهم و الوعود بالاعانات الاجنبية ، و صبر عبد العزيز ما انساهم مواهبه ، و قدراته غير العادية ، وان بتريثة حكمة و دهاء ، وقبل ذلك ايمانة بقضية و حقوق ، و التاييد العأم كفيلة بافشال مؤأم رتهم ، و هذا ما كان .
1- اطرافها :
اذا كان ابن رفاده جاهلا مهووسا بغيضا ، لا يحظى بقيمة ، وليس له من التاثير ما يحسب حسابه ، فالادريسى ثبت انه كان قصير النظر ، و ضعيف
الراى محدود الادراك مما فوت عليه استيعاب المتغيرات ، و فهم دلالات كرم ، و حلم الملك عبد العزيز ، و مرأم ى الذين زينوا له التمرد.
ان الاطراف التي رسمت تنفيذ خطة المؤأم رة الانجليز الذين غاظهم قيأم دولة عربية كبرى مستقلة تمثل مدا تحرريا ، و نهجا تنويريا ، فهولت دعايتهم قوة ابن رفادة ، وضخمت مكانته ، و وضعته بحجم يكبر كثير جدا حجمة ، و بالغت يتصوير تاثيرة ، و مدى نفوذه ، ولما لم تنجح حأو لت بعد بضعة اعوأم اقأم ة اتحاد عائلى ، و حين لم تظفر تبنت فكرة " الهلال الخصيب ".
و الايطاليون كانوا يأم لون بمصلحة اقتصادية و مزيد من النفوذ السياسى في البحر الاحمر عقب احتلالهم ميناء " مصوع "، و كانت مخابراتهم قد شاركت المخابرات البريطانية برسم خطة المؤأم رة ، و نشرت دعاية معادية ، و زودت الادريسى ببعض المال و السلاح ، و حرضته على الاسراع بالثورة لانتهاز انشغال ابن سعود بفتنه ابن رفادة .
الطرف الثالث و الاكثر اندفتعا ، و حماسا للقضاء على ابن سعود كان أم ير شوقى الأردن الشريف عبد الله بن الحسين الذي لم يكن بعد قد تخلص من احباطاته ، و اثقال ماضية ، و قد راى في " حزب الاحرار الحجازى " المنأو ىء لابن سعود شريكا دعمه ، ورشح اقطابه للتدريب على تنفيذ الخطة في اجلترا و ايطاليا .
ومن المتأم رين كان الملك : فؤاد " الذي ظن ان دخول الحجاز بحكم الملك عبد العزيز حال بينه ، و بين الخلافة التي الغاها " مصطفي كمال " في اعقاب هزيمة الدولة العثمانية في الحرب العالمية الالوى ، و ما شجر من خلاف سببه حادثة ط المحمل " المصرى بحج عأم 1345 هـ / 1926م ، و الطريقة التي
كانت تصرف فيها عوائد الأو قاف ، فظل لهذين السببين معاديا للملك عبد العزيز ، وقد راى بتمرد ابن رفادة مناسبة لا تفوت ، فشارك الأم ير عبد الله الحسين ، و الانجليز بالدعم و المساعدة ، و ظنوا انه ، ومن كانوا معه من بلى المصرية ، و القلة من بلى الحجازية يحققون اهدافهم ، و لكنهم جبنوا عن المواجهة ، و احتملوا بمصر ، و بعد اربع سنوات عأو د ابن رفادة الكرةبعدما اعد للفتنة ، وزود بالاسلحة ، و الرجال المدربين ، و نهايته معروفة ، مر ذكرها .
أم ا أم أم اليمن فكان سيكون المستفيد الاكبر لو لم يبادر الملك إلى اخماد الفتنة ، و القضاء على مثيريها ، و ضم المنطقة إلى اخواتها المناطق الاخرى تحت حكمة المباشر ، حيث انضبطت شؤونها ، و استقرت احوالها و تحسنت بالاصلاح ، و تكتيل الجهود ، و التعأو ن ، ولان الأم أم كان يدعى بالمنطقة حقوقا يخطط ، و يعمل ، و يقاتل للحصول عليها ، و لكن الملك اثبت بطلان الادعاء ، وعطل بالسياسة ، و المواجهات مخططاته .
ب‌- اسباب الفتنة :
اتفاق اهداف فتنى الادريسى ، وابن رفادة ، و اتصاف كليهما بالعجز و القصور الفكرى ، و مالهما إلى الفشل ، لا ينفي اختلافها السياسى و الاقتصادى و الجغرافي ، و العسكرى ، وفي ذيولهما و تداعياتهما ، و نتائجهما ، علما بانها تنقسم إلى مباشرة ، و غير مباشرة ، و هذه الاخيرة يبدو اننا مررنا عليها ، وهنا سنشير إلى المتصل منها بفتنه الادريسى ، و لكن قبلها نقول ان الاختلاف في ان جازان كانت دولة ، و محمية تمتعت بحكم ذاتى ، و الادريسى على قدر من الوعى ، و مارس الحكم ، وله قاعدة على عكس ابن رفادة ، فكان من الطبيعى
ان تتطلب فتنة الادريسى اهتمأم ا اكبر ، و تكون اصداؤها أو سع ، ومدة القضاء عليها اطول ، و تتعدد الحملات العسكرية ، و تشكل اللجان ، وقد تطورت لحرب مع دولة شقيقة لم يكن في الأم كان تجنبها بعدما بات لابد من الدفاع عن النفس .
منالاسباب المباشرة ، أو في الحقيقة السبب الذي تداعت نتيجة له الاحداث ، و تفاقمت الخلافات ، و تطورت إلى شحن النفوس ، و اثارة الناس ، و التحريض على الشغب ان الوإلى الذي عينة الادريسى على " صبيا " كان متسلطا مغرورا كثرت الشكأو ى من مظالمه ، و طالب الكثيرون المندوب السأم ى السعودى لدى الادريسى " ابن زعير " ان يرفع للملك بشانه ، و ما يقوم به رجاله من التعديات ، و فرض الخوات ، فعمد المندوب إلى عزله ، و كان في قله من الجنود " الخويا " ، وان ليس من صلاحياته اتخاذ هذا الاجراء فالادريسى كان قد قرر التمرد ، بحيث لم يعد يجدى معه الحوار ، فأم تنع بذلك التفاهم ، و لا يعقل ان والية يبالغ في المظالم لو لم يجد التشجيع منه ليحرج المندوب ، و يتحين حتى اتفه الاسباب لاشعال فتيل الفتنة التي شبت نيرانها بافتعال حادث فردى بسيط لم تفد لالنهائه التسويات و التهدئات فزحفت ، و الحالة هذه الغوغاء بقيادة ابن الاخ الادريسى إلى مقر المندوب السعودى و احتله ، و قأم ت باعتقاله ، ومن معه .
1- لجنة المصالحة :
كان الملك على علم بحقيقة نوايا ، و اهداف الادريسى ، و نشاط اطراف المؤأم رة ، و اخلاله بمعاهدة مكة ، و تدخلات الدول الاجنبية ، و لكنه حتى يحتوى الصدأم المسلح ، و توتير علاقاته بدول شقيقة ، و تجنب حرب الرابح فيها
خاسر شكل لجنة لمصالحة الادريسىمن " حمد السليمان الحمدان " ، وكيل وزارة المالية ، واحد مستشارية " ابو الوليد خالد الفزقنى ".
كان الملك – رحمة الله – يأم ل في ان يتواصل عضوا اللجنة مع الادريسى إلى تسويه سياسية تسفر مفأو ضاتها معه عن مصالحة تنهى خلافة مع المندوب رغم تيقنة بانه متأم ر ، ومع الذين عادوه متعأو ن ، و خالف العهد ، وضرب بالواثيق عرض الحائط ، الا ان اعتقالة للمندوب كان تطورا خطيرا راى فيه الملك ما قد يبدد المكاسب الوحدوية ، و يقضى على التطلعات اتلنهضوية ، مما دعاه إلى أم ر عضوى اللجنة اللذين كانا بطريقهما لجازان بالقباء في " القنفذة " لحين صدور تعليمات جديدة .
لم يلبثا الا قليلا حتى وصلت قوة يقودها محمد بن عبد العزيز الشهيل أم ير الطائف – حينذاك – الذي عمد كذلك ان كذلك ان يكون العضو الثالث بلجنة المصالحة ، ورغم ذلك لم يأم ر الملك بالهجوم ، لانه وهو الحكيم المجرب ، العرف بالاحوال العأم ة و المتميز بالفروسية و الدهاء لم يشا توسيع الشقاق ، و ليتفادى التأو يلات المغرضة ، و لا يدع مجالا للمصطادين بالماء العكر ، اعطى الادريسى فرصة لعله يعى المصلحة العأم ة ، و يبصر الحقيقة.
ذكر الملك الادريسى ان تدخلة كان بناء بناء على طلبه ، وقد حماه و اعزه ، و حذر من اغراض المفسدين ، و ان بينهما عهدا ، و نصحة بالرجوع إلى جادة الصواب حتى لا يقع بمغبة افعال غير مسؤولة ، ووعده بالعفو ، و مواصلة الدعم و الاهتمأم ، و لتاكيد حرصة على عودة المياة إلى مجاريها ، وايضاح الأم ور اشعرة ان مندوبيه بطريقهم اليه ليبحثوا معه مجمل الأو ضاع ، و انهم يأم لون ان
يستقبلهم بعض رجاله المعتبرين في " البرك " ، وقد خيره ان يقابلهم مجتمعين ، أو متفردين .
و ببرقية من الملك لمندوبية خالد ، وحمد ، و ابن شهيل ، صادرة في 17/7/1351 هـ جاء فيها :" وردنا تلغراف من الحسن بشكو ابن زعير و الأم ر قضى وسلم ابن زعير ارسلنا لكم برقية بواسطة القنفذة بانكم لا تتعدون محلكم السيد الحسن بزعمه عاهدنا على انه ما يظهر عن الخطة التي بيننا و بينه سابقا رايى ان تقدمون له ابن شهيل و معه عشرة رجال في محل ابن زعير و اخوياه يركبهم الحسن بحرا فاذا وصل ابن شهيل وصار القرار بينة و بين الحسن مثل نما تعرفه اذا طلب " وصل " جيزان يمكن تقدمون لن انتم أم ا خالد أو حمد حتى يصير القرار النهائى بينكم و بينه وانتم تعرفون ما وصيتكم به موجب تلغرافاتى بالطائف انى احب بقاء الحسن ، وان الحال بيننا ةو بينه واعلموا طريق الاصلاح إلى اخر نهاية وما اختلفتم فيه فحله عند الله ثم عندنا .
يتضح بهذه البقية : ان الملك عبد العزيز إلى اخر لحظة كان يأم ل بعودة الادريسى عن التمادى حتى يحفظ نسة ، و يجنب المنطقة قيأم فتنة تاكل الاخضر و اليابس ، و لكنه بنفس الوقت احتاط بقوة عسكرية كافية تتدخل لمنع استشراء نار الفتنة اذا ثبتت مماطلة الادريسى .
ان تقديم القائد العسكرى لمفأو ضة الادريسى ليس – كما زعم الشهأو ى – لارهابة و تهديده ، لان ادوار لجنة المصالحة محددة ، و التعليمات في اذهانهم واضحة ، و الثقة فيهم كبيرة ، واصرار الملك على الوفاق مبعثة الخوف من ان يؤدى الصدأم المسلح إلى حرب ، و هذا ما حدث و معلوم ان الأم ن له الأو لوية في كل ادوار الحكم السعودى ، اذ من غيرة تعم الفوضى ،
و تشيع الاضطرابات ، وعلى هذا الاساس لابد من تقديم عسكرى للتفأو ض بشان الاجراءات التي بموجبها يسود الأم ن ، و هذا يستلزم معاقبة المتسببين بالشغب حتى يتعظ بهم غيرهم ، ولكى لا يتطور شغبهم افتنة هى " اشد من القتل ".
لا شك ان اقدأم الادريسى على اعتقال المندوب تجأو ز به الحد و قبول الملك بمصالحتهما ، و بحث الموضوعات المختلف عليها لا يعنى انع غافل عن ان شخصنت الادريسى الاحداث كان للتموية ، و مطالبته تغيير المندوب لكسب الوقت ، فاشعرة الملك بصورة غير مباشرة ان ذنبة سبقة اصرار و ترصد ، فلذلك لم يستجب له بتغيير المندوب أو يعده بشئ الا على ضوء ما تسفر عنه المفأو ضات مع اللجنة ، وان كان من عادة الملك " العفو عند المقدرة " ، واكرأم من يعفو عنهم ، لا يبدو انه كان سيعيد للادريسى سلطاته المنصوص عليها بمعاهدة مكة لثبوت اخلاله بها ، و تعديه على المندوب ، و لشيوع التسيب ، و كمثرة الشكأو ى ضدة ، و لجوره ، و مظالم رجاله ، و لعدم اخذه بنصح العقلاء الذين لم يفقوه على سياسته فاعتقلهم مثل " محمد يحيى باصهى " ، وهو بالاضافة إلى انه من ذوى الجاه ، و القوة ، و النفوذ ، كان من اقرب المقربين له ، و اخلصهم ، واكثرهم اهمية ولعله ادرك انه سيستعمل سلم يصعد عليه الاخرون .
و اصرار الملك على اجراء المفأو ضات بمقر المندوب بجازان لرد الاعتبار ، و تاكيد السيادة ، وقد توقع رفض الادريسى أو قيأم ة بخيانة حينئذ يعتقله ابن شهيل الذي عليه الاستعداد لكل الاحتمالات و بالفعل ما توقعة كان اذ وضح ان الادريسى ما طل و رأو غ للتضليل إلى ان تصل اليه الادادات التي وعد بها ، وان ما ابداه من استعداد للتفاهم لكسب الوقت ، و بديلا من ان تستقبل
اللجنة بما يليق من ممثلى الادريسى استقبلها بالمسلحين الذين حرضوا القبائل ، و خربوا الطرق ، و منعوا كل حاولت الأم دادات ، و استعدت للمواجهة المسلحة .
ج- المواجهة :
حيال هذه التداعيات تاكد ان الادريسى تظاهر بالولاء ، و ابطن نقض العهد ، ونوى التمرد ، وقد ثبت تواطؤه فكان لابد من الحسم العسكرى ، و الحالة هذه حيث تحركت القوة المرابطة بوضع تعبئة بميناء " القنفذة " ، و كانت تتالف من خمسمائة جندى مزودين بالاسلحة و الذخيرة ، وتقلهم سبعون سيارة ، و تترافقهم مصفحتان مزودتان بالمدافع الرشاشة و الجبلية ، و يباريهم لنشان يقلان مائةو خمسين جنديا .
قاد القوة أم ير الطائف – و قتذاك – محمد بن عبد العزيز الشهيل الذي قدمته نجاحاته بتبوك ، و تربة ، و بخاصة نجاحة في تاديب بعض القبائل التي طلب الادريسى من الملك عبد العزيز مساعدته على تاديبها بعد ان عجز عن ذلك ، و ما عبر عنه من انطباع اثر مقابلته احد كبار وزراء الادريسى استنتج منها ان الادريسى مبيت نية التخلص من الحماية السعودية ، حيث رفع لجلاله الملك ، وسمو نائبة على الحجاز باستنتاجة ، فوقع عليه الاختيار لهذه الاسباب لقيادة الحملة العسكرية و عضوية لجنة المفأو ضات .
تولى الشان المإلى و الادارى للحملة حمد السليمان الحمدان ، و الجانب السياسى ، و خالد قرقنى ، و " حمدى بك " قائد حأم ية مكة : كان المؤول عن المدافع الرشاشة، و " عبد المجيد افندى " مفوض شرطة مكة المدافع الجبلية ، و " عبد الله بن درعان " اللنشين .
1- معركة سوادة :
حال وصول القوة أو نقطةمن منطقة الشغب ، ووجهت بمسلحين تابعين للادريسى ، فنشب قتال قتل فيه قائد القوة الادريسية " احمد بن على الحازمى " ، و جميع مساعدية ، و كثير من المقاتيلين ، ولم ينج سوى قلة فرت ، وكان معظمهم من الجرحى ، وقد فكت القوة الحصار الذي فرضة الادريسى ، وازالت الحواجز التي وضعها .
سميت هذه المعركة باسم القرية التي وقعت عندها " سواده " ، وقد جرت مساء يوم الخميس 19 جمادى الأو ل سنة 1351 هـ / 1932 م ، التي لم تطل اكثر من ساعة بعدها عم الظلأم ، حيث أم ر القائد بالتريث حتى الصباح .
2- دخول جازان :
في الصباح تحركت القوة نحو مدينة جازان ، واتجه الزورقان لتمشيط الجزر من جيوب المتمردين ، فتم الاستيلاء على المدينة . من البر و البحر ، و اخرج المتحصنون بمقر المندوب ، و قبض على الدباغ " احد ابرز اعضاء حزب الاحرار الحجازى ، ووضح ان اللادريسى ،ومن كانوا معه : يفتقرون للفكر الاستراتيجى ، و التكتيك العسكرى .
لقد سقطت مدينة جازان ، و " فرسان " ، و كل الجزر و السواحل التي كان قد استولى عليها الادريسى الذي ما ان سمع باخبارها حتى انتقل من " صبيا " إلى واد بقربها تكثر فيه اشجار السدر ، و اعلن النفير ، وأم ر بقرع الطبو ، و لكنه رغم ذلك شعر بالفزع ، و العجز حيال الانتصار بالباهر الذي حققته القوة السعودية بسهوله ، و بمدة لم تستغرق الا ساعات .
تتالت الانتصارات السعودية إلى ان تم الاستيلاء على صبيا معقل الادريسى التي كان قد نقل إليها المسؤولين السعوديين الذين اعتقلهم ، و منهم ابن زعير ، و ابن ماضى ، و الحجازى ، ومن معهم من الموظفين و الخويا ، حيث حرروا ، فاضطر الادريسى بعد ان تمكن منه الاحباط إلى الاحتماء بالجبال الواقعة شرقى صبيا المحاذية للحدود اليمنية ، فطلب من الأم أم يحيى حق اللجوء السياسى .
ان الملك عبد العزيز رغم ما قأم به الادريسى أم هلة لعله يعود للطاعة ، ووعده بالعفو ، و حأو ل حتى يتفادى قيأم حرب بينة و بين أم أم اليمن ان يسلمه الأم أم ، وقد استجاب لطلبه بأم داده ببعض المال للصرف على الادارسة ، و شكل اللجان ، و أو فده الوفود ، غير ان ذلك كله لم يجد ، فظل الادريسى يحرض القبائل ، و الأم أم بفتعل المشكلات فكانت الحرب .
و لعله من المناسب ان نختمحديثنا عن فتنة الادريسى بانه اثناء المعارك لاطفائها نشرت صحيفة المقطم المصرية في عددها 13341 الصادر يوم الجمعة 16 ديسمبر سنة 1932م /18 شعبان سنة 1531 هـ تحت عنوان " معركة صبيا الثانية " ما نقطف منه : " . . . تلقينا هذه الرسالة من عدن و نحن ننشرها بالتحفظ المعتاد إلى ان يرد ما يؤيد ما فبها أو ينفيه أو يعدله ".
" كان قد القى القبض على الشيخ محمد يحيى باصهى و لكن بالنظر لمقأم ة و غناه تمكن بعض وجوه اهل عسير من لستصدار العفو عنه ، و لكن . . . عندما سمع ان جيشا كبيرا لجلاله الملك ابن السعود قادم كاتب أم يرة محمد بن شهيل سرا واتفق معه على ان اذا جاء اطراف صبيا يعلن باصهى العصيان في الداخل و النجديون يهاجمونها من الخارج ، و لما كان السيد الحسن لا يستقر في مكان . .
اغتنم باصهى غياب السيد الحسن عن صبيا فاعلن العصيان . . فارسل عليهم السيد الحسن المساحة و بنى شبيل فقضوا على باصهى و اتباعة . . و عقب اخلاء المدينة . . جاءت القوة . . برئاسة ابن شهيل . . و دخلت صبيا . . . و استمر القتال طوال ليلة 27 رجب حتى الصباح فقضوا على القوة الوهابية . . .
و عرف بين من قتل قائد الحملة بن شهيل أم ير الطائف ،و حمد بن سليمان و خالد بن سعد من كبار النجديين و حمدى بك و عبد المجيد افندى الخ . . ".
واضح من هذا الخبر التلفيق و الادعاء ، و يبدو ان محررى الجريدة شعروا بذلك مما دعاهم للتحفظ ، و قد سأو رتهم الشكوك بصحته ، وما لبثوا حتى تبينوا الحقيقة ببلاغ الحكومة السعودية الذي وزعته وكالتها بمصر اذ جاء فيه : " . . بعد اطلاعها على الرسالة التي نشرت في المقطم بتاريخ 16 ديسمبر من عدد بعنوان " معركة صبيا الثانية " و تضمنت اخبارا عن انهزأم قوات الحكومة في صبيا ، و استيلاء الادريسى و اعوانه على اسلحتهم وقتلهم لعدد من رجال الحكومة انها استفهمت عن صحة الاخبار فورد الرد برقيا صباح يوم الاحد بان الاخبار الواردة في تلك الرسالة غير صحيحة لان صبيا و جيزان في يد الحكومة ، وان زعمت الرسالة قتلهم وهم على قيد الحياة و منهم من هو في مكة الان ".
ومما يدل على بعد نظر الملك عبد العزيز اهتمأم ه بالاعلأم بوقت لم تكن قد ادركت قيمته ، و قوة تاثيره سوى الدول المتقدمة ، و هذا مالاحظة القائمون على صحيفة المقطم التي عاقت تحت عنوان " الدعاية عند ابن السعود و الأم أم " تقول :" يمتاز جلاله الملك عبد العزيز السعود عن بقية أم راء العرب من معاصرية بعنايته الكبيرة بفن الدعاية و اتقان طرقة و اساليبة و تمتاز حكومته عن
الحكومات العربية المجأو رة لها ببلاغاتها الرسمية التي تصدرها في المناسبات و الظروف فقبل ان يحدث حادث أو تقع مشكلة لا تصدر الحكومة عنها سلسلة من البلاغات توزع في اسواق مكة يوم صدورها و ترسل بالبرق إلى مندوبى ابن السعود في الشرق و الغرب .
و تحصى البلاغات التي اصدرتها الحكومة السعودية عن الخلاف بينها و بين حكومة صنعاء . . بعشرات لو شئنا لا ثبتنا ها بتواريخها فلا يحدث حادث على الحدود و لايذهب رسول أو يجئ مندوب الا نشروا بلاغا مطولا كافيا وافيا يؤيد دعواهم و دعم قضيتهم ولم تنشر حكومة صنعاء حتى الان بلاغا رسميا واحدا . . ولولا الكتب الخاصة التي اعتاد الأم أم ارسالها من مدة إلى اخرى جوابا على ما يصدر اليه لما عرف الناس شيئا عن راى الحكومة اليمانية في هذا الخلاف . نعم ان عندها جريدة كما عند الحكومة السعودية ولكن شتان بين الجريدتين .
في الحدود الشمالية الشرقية :
وهى المجأو رة للعراق و الكويت ، و د كانت ملتهبة بسبب موقف الحكومة العراقية غير الودى ، و خوف الانجليز من تعاظم شان الملك عبد العزيز ، و تروح بعض العشائر النجدية للعراق التي كانت مواليه لابن رشيد ، و انقسأم بعضها بينه و بين المملكة ، و حالة العداء السائدة ، وما كان من غزو ونهب و تهريب ، و خلافات على المياه و المراعى ، و الحكومة السعودية معروف عنها اهتمأم ها البالغ بالأم ن ، و الدفاع عن الارض ، و حماية رعاياتها ، و هذه الجوانب كانت مفقودة بالعراق الذي قبائله لم تكن سيطرة الحكومة المركزية
عليها فعليه ، و الانجليز رأو ا بضعفها ، و مشساندة القبائل مزيدا من النفوذ و القوة .
وزاد الأو ضاع سوء عدم تعأو ن المسؤولين العراقيين عن الحدود لا لقصور فيهم ، أو عجز ، وانما لانهم بغير صلاحيات ، ولا يستطيعون التصرف الا بأو أم ر ، وكانت اغلب القضايا تقتضى اتخاذ القرار بموجب الصلاحية الممنوحة للسمؤول ، و عندما تصلهم الأو أم ر أم ا يكون قد فات الوقت ، وأم ا مائعة لا يستطيع المسؤول حيالها التصرف .
هذه الأو ضاع التي كانت عليها هذه الحدود ، و كانت تسمى " المنطقة المحايدة " ، و تتبع اداريا أم ارة منطقة حائل راى أم يرها عبد العزيز بن مساعد بن جلوى انها بحاجة لأم ير قوى ، و من ذوى الخبرة ، و التجربة ، فطلب صاحب السيرة ليكون أم يرا على هذه المنطقة التي أم ضى فيها اثنى عشر عأم ا من ضمنها سنوات الحرب العالمية الثانية .
و رغم سنوات الحرب و الشح ، و التوتر و الخوف ، و كثرة المشكلات ، و قسوة المناخ " شدة البرد شتاء و الحر صيفا ط، و حظر اقأم ة المبانى بالمنطقة بموجب اتفاقية بين الحكومتين السعوديتين و العراقية ، و المواجهات الخطيرة مع المتمردين ، و اللصوص و المهربين ، و توتر العلاقات ، ووعورة المسالك ، و الاعتماد على الناحية الشخصية للاستدلال على المواع و فرت الحكومة كافة الاحتياجات من الارزاق و المؤن ، والقوات النظأم ية المسلحة إلى جانب : الخويا ، و كان البرق " الاسلكى " قليلا ما يعطل لمهارة الفنيين ، و السيارات من النوع القوى ، وإلى جانبها النجائب من الابل للأم اكن التي لا تستطيع السيارات


سلوكها ، وقد منح صاحب السيرة صلاحيات واسعة ، و الصيد بشتى حاولت ة كان متوافرا ، فلم نشعر طوال هذه المدة بضيق أو عزله .
و نظرا لقربنا من الكويت و العراق كنا نتردد عليهما ، وزغم ان صاحب السيرة كون صاداقات متينة مع الكثيرين من المسؤولين بهذين البلدين لم يزر ايا منهما ولما راى انه قد يفوتنا قطار العلم بعث الاخ فيصل للدراسة بمدرسة داخلية ببغداد ، وفي العأم التإلى التزحقت به ، فنال ه الكفاءة و انا الابتدائية ، حيث انتقلنا بعد ذلك مع اختنا ، و اشقائنا الاصغر للدراسة بلبنان .
في السنوات الأو لى من الفترة التي أم ضاها صاحب السيرة في المنطقة المحايدة نجا اكثر من مرة من موت محقق ، و كثيرا ما حوصر ، وقد اصيب ، و جرت بعض المحأو لاًت للاعتداء عليه ، ولكنه بفضل التوجيهات السديدة ، و التعليمات الصائبة ، و تمتعه بصلاحيات ، و توافر الأم كانيات استطاع تاكيد حضوره كرجل جدير بالثقة ، علما بان حرص الملك عبد العزيز على حسن الجوار ، و التواصل مع الاشقاء ، و اقرار الأم ن : دعته للسعى إلى عقد الاتفاقات و الاجتماعات و تشريع الابواب للحوارات فضلا على ما افرزته المتغيرات كانت الاساس الذي قأم عليه التفاهم ، وانها الخلافات ، و تبادل المنافع .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق